الجمعة، 30 ديسمبر 2016

تعتيق النبيذ



يستخدم تعتيق النبيذ من اجل تحسين نوعية النبيذ. و هذا ما يميز النبيذ عن معظم السلع الاستهلاكية الاخرى. ان التفاعلات الكيميائية المعقدة التي تتم مع سكر النبيذ و الاحماض و مركبات الفينول ( مثل حمض التانين ) يمكنها ان تعدل نكهة النبيذ و كذلك اللون و السلاسة و الرائحة بطريقة يصبح فيها النبيذ اكثر لذة للشاربين. قدرت النبيذ على التعتيق ترتبط بعدة عوامل بما فيها نوع العنب الذي صنع منه النبيذ, و موسم القطاف, و اسلوب التخمير, و كذلك المنطقة التي صنع فيها النبيذ. و يضاف الى ذلك الشروط التي حفظ فيها النبيذ بعد ان يتم تعبئته في قناني يمكن ان تؤثر على مدى التعتيق. و قد تتطلب وقت طويلاً و كذلك تكلفة كبيرة.
جودة النبيذ الذي تم تعتيقه تختلف من قنينة الى اخرى. و ذلك يعتمد على وقت التخزين, و امكنته, و شروط القنينة و الفلين.
كان هناك حالة من الغموض الكبير حول تعتيق النبيذ, ولا يزال هناك بعض الغموض حالياً.  فقد كانت كيمياء التعتيق غير مفهومة لوقت طويل.
قبو لتعتيق النبيذ تحت الأرض
بكل حال غالبية النبيذ يباع بدون تعتيق, و حتى ذلك النبيذ الذي يعتق فانه نادرا ما يعتق لفترات طويلة. بمعنى اخر, 90 بالمئة من النبيذ الذي ينتج في العالم يتم استهلاكه في غضون سنة على الاكثر. بينما ال 10 بالمئة المتبقية تستهلك في غضون خمس سنوات على الاكثر.

تاريخياً

التعتيق ليس حالة او طريقة مستحدثة في العصور الحديثة , لقد تم اكتشاف تعتيق النبيذ منذ عصور الرومان و الاغريق. الاغريقيين  كانو يعبئون النبيذ في قوارير خزفية مختومة و يخزنونها لسنوات عديدة. بينما اليونانيين لاحظو امكانية تخزين النبيذ بسبب ارتفاع نسبة السكر فيه. في كتاب لوقا لوحظ ان النبيذ العتيق موضع تقدير اكثر من النبيذ الجديد ( لوقا 5:39 ) . الطبيب اليوناني جالينوس قال ان مذاق النبيذ المعتق مرغوب و هذا يمكن تحقيقه عن طريق التسخين او التدخين في النبيذ.
و لكن بعد ان سقطت الامبراطوية الرومانية اصبح تعتيق النبيذ فعليا غير موجود. حيث كان معظم النبيذ المنتج في شمال اوربا خفيف و غير مركز و ذو لون فاتح و منسوب الكحول فيه منخفض. هذا النوع من النبيذ لم يكن لديه قدرة على الاستمرار في التخزين لاكثر من بضعة اشهر و سرعان ما يتدهور و يصبح خلاً ( الخل ). حيث كان معظم التجار يصنعون النبيذ بهذا الشكل لاغراض تجارية و يبيعونه بسرعة. و مع بداية القرن السادس عشر اصبحو يصنعون النبيذ اكثر حلاوة و بنسب كحول اعلى, و على الخصوص في منطقة البحر الابيض المتوسط, و بذلك بدئ ظهور الاهتمام بتعتيق النبيذ كما فعلت بعض المخمرين المشهورين وقتها.
قارورة زجاجية قديمة كانت تستخدم لتعتيق النبيذ قديماً

و في القرن السابع عشر تطورت صناعة تعتيق النبيذ بشكل كبير نتيجة لظهور عوامل جديدة حسنت من طرق التعتيق و عوائده. كان احداها تطور صناعة الفلين و القوارير المحكمة الاغلاق و التي سمحت بامكانية تعليب النبيذ في بيئة محكمة غير نفاذة. و العامل الثاني هو تطور موانئ نقل الخمر عبر البحر فكانو يضيفون الى الخمر الكحول من اجل حفظه خلال نقله لفترات طويلة عبر البحر كي لا يصاب بالتلف. حيث كان ينقل بالبحر من انكلترا الى الامريكيتين و الى الهند.

امكانية التعتيق

هناك سوء فهم واسع النطاق بأن كل النبيذ يمكن ان يتحسن بالتعتيق , او ان نكهته تصبح افضل بطول التخزين. او ان النبيذ المخزن هو دائما نبيذ جيد و فاخر. التخزين يغير من النبيذ, و لكن ليس بالضرورة ان يغيره نحو الافضل. النكهة الفاكهية للنبيذ الرخيص تتدهور في غضون ستة اشهر و هي في القنينة. و لذلك و بسبب ارتفاع تكاليف التخزين فانه ليس اقتصاديا ان يتم تخزين النبيذ الرخيص. لذلك بعض انواع النبيذ لا تستفيد من تخزينها.  و بغض النظر عن نوعية النبيذ و جودته فإن العلماء يختلفون في مدى تحسن النبيذ مع تعتيقه. و لكنهم يجمعون على انه من 5 الى 10% من النبيذ الجيد يتحسن مذاقه بعد تخزينه الى سنة. و فقط 1% من النبيذ يتحسن بعد تخزينه الى خمس سنوات.
بشكل عام النبيذ ذو الحموضة المنخفة (low pH) لديه قدرة اكبر على التخزين و التعتيق. النبيذ الاحمر, و اللذي يملك مستويات عالية من عناصر النكهة مثل الفينوليك ( و اهمها التانين ) سيزيد من احتمال قدرته على التخزين. النبيذ الابيض يميل لان يكون بنسب عالية من الحموضة. و هذه الحموضة تعمل كمادة حافظة تشبه في عملها التانين الموجود في النبيذ الاحمر. و لكن عملية او اسلوب انتاج النبيذ الابيض و الذي يتم بمعزل عن قشور حبات العنب يسبب في انتاج نبيذ بكميات قليلة من مركبات الفينول و بالتالي يكون قابليته للتعتيق اقل .

العوامل و المؤثرات

مكونات النبيذ

يجب ان يكون هناك تناسب بين نسبة السكر و الفينوليك ( الفينول ) و الاحماض الى نسبة المياه في النبيذ من اجل ان يتم تعتيقه. فكما انخفضت نسبة المياه و زادت نسبة بقية العناصر كلما كان افضل للتعتيق.
العنب يختلف انواعه و مناخه, العنب يختلف انواعه ايضا بسماكة القشرة, اذا تم حصاد العنب بمناخ جاف و حتى وقت متأخر فسوف ينتج سكر اكثر و احماض اكثر و فينول اكثر و مياه اقل. و ايضا عملية تجفيف العنب من المياه قبل تخميره سوف يجعله قابل اكثر للتعتيق.
خلال عملية تخمير النبيذ فإن مدة نقع النبيذ مع القشور تؤثر على مدى انحلال الفينولات من القشرة و تشربها في النبيذ. المواد الصبغية و العناصر الاخرى الموجودة في القشرة ليست فقط من اجل اعطاء اللون للنبيذ بل هي تعمل كمادة حافظة ايضا. خلال مرحلة الترقيد ( و هي مرحلة تلي مرحلة التخمير الاساسية ) و التي تسبب انخفاض حموضة النبيذ, سوف تجعل النبيذ ذو قدرة اكبر على التعتيق.
تعريض النبيذ لخشب البلوط سواء خلال فترة التخمير او بعد التخمير اثناء تخزينه في البلوط سوف يزيد من عناصر الفينول في النبيذ. اذا تمت فلترة النبيذ كما تفعل بعض الشركات فإن ذلك سوف يمتص الكثير من الفينولات و بالتالي تخفيض قدرة النبيذ على التخزين و التعتيق.

عوامل التخزين

ظروف تخزين زجاجات النبيذ تؤثر بشكل كبير على تعتيقه. الاهتزازات وتقلبات الحرارة يمكن أن يسرع تدهور النبيذ ويسبب تأثير سلبي عليه. بشكل عام النبيذ لديه قدرة كبيرة على تحسين عطريته و نكهته اذا تم تعتيقه ببطء في بيئة باردة نسبيا. و كلما انخفضت درجة الحرارة كلما تطور النبيذ ببطء اكثر. وسطيا تتضاعف نسبة التفاعلات الكيميائية في النبيذ كلما ارتفعت درجة الحرارة 8 درجات مئوية. خبيرة النبيذ كارين ماكانيل (Karen MacNeil) توصي بحفظ النبيذ بدرجة حرارة ثابتة حوال 13 درجة مؤية. في الحقيقة يمكن تخزين النبيذ حتى 20 درجة مئوية بدون تأثير سلبي حقيقي عليه. البرفسور كورنيليوس اوغ من جامعة كاليفورنيا يعتقد ان النبيذ يمكن ان يتعرض ل 49 درجة مؤوية لبضعة ساعات دون ان يسبب تلفه. و بكل الاحوال فإن معظم الخبراء يعتقدون ان تعرض النبيذ للتقلبات الشديدة في الحرارة مثل نقل النبيذ من درجة حرارة الغرفة مثلا الى منطقة باردة كما في البراد سوف يضر بالنبيذ بشكل كبير. وينبغي أيضا تجنب أشعة فوق البنفسجية من أشعة الشمس المباشرة بسبب الجذور الحرة التي يمكن أن تتطور في النبيذ ويؤدي إلى أكسدة سابق لأوانه.
النبيذ المعبئ بزجاجات كبيرة الحجم مثل الدبجانات او القناني الكبيرة لاكثر من 3 ليتر, يبدو انها تتطور ببطء خلال التخزين فيما لو تم تعبئتها بزجاجات عادية سعة 750 ميل او اقل. و هذا سببه الى تعرض النبيذ لكمية اكبر من الاكسجين في حال تم تخزينه بزجاجات كبيرة خلال او اثناء تعبئة الزجاجة او القنينة.

عوامل التعبئة

صدمة الزجاجة : خلال تعبئة النبيذ في زجاجات فهو يتعرض لبعض الاكسجين, و الذي يؤثر على النبيذ على مبدأ احجار الدومينو. فهو يسبب تأثيرات كيميائية متلاحقة على مختلف مكونات النبيذ. الفترة التي يحتاجها النبيذ ليستقر و الاكسجين لينحل و يندمج بشكل كامل في النبيذ فهذه الفترة تسمى بصدمة الزجاجة. خلال هذه الفترة النبيذ سوف يختلف طعمه جذريا عن مذاقه قبل التعبئة او حتى بعد ان يعبئ و يستقر. لذلك تجد معظم الشركات تحاول تعبئة النبيذ بلطف قدر الامكان و تتجنب تعرضه للهواء خلال التعبئة قدر الامكان, بل ان بعض الشركات تقوم بحقن النبيذ ببعض الغازات الطيارة خلال التعبئة لتخفف قدر الامكان من تعرضه للاكسجين. كل النبيذ يتعرض لما يسمى بصدمة الزجاجة خلال فترة التعبئة و لكن مدى فترة هذه الصدمة فانه يختلف من نبيذ الى اخر.
المرحلة الغامضة : خلال فترة التخزين قد يمر النبيذ بما يسمى بالمرحلة الغامضة, حيث نكهة النبيذ و رائحته تكون صامته مكتومة . و تسمى هذه المرحلة بالمرحلة الصعبة. و تشبه بمرحلة المراهقة لدى الانسان. هذه المرحلة في النبيذ غير مفهومة بعد و ليس هناك تفسيرات عن مدى طول مدتها و اسبابها حتى الان. و لكنها تختلف من زجاجة الى اخرى.

التأثيرات الحاصلة على النبيذ

ظهور الرواسب في الزجاجة
حالما ينضج مخزون النبيذ, تظهر الرواسب في النبيذ, هذه الرواسب يتم التخلص منها عند صب النبيذ.
عند تخمير النبيذ الاحمر, فإن التانين اللاذع يتطور تدريجيا الى نكهة اكثر سلاسة. و اللون الحبري الغامق للنبيذ سوف يفقد في النهاية غماقته و يتحول الى لون برتقالي تقريبا و خصوصا عن الحواف.  و ثم فيما بعد سوف يتحول الى اللون البني.
هذه التغييرات تحصل نتيجة التفاعلات الكيميائية المعقدة لمركبات الفينول في النبيذ. العملية تبدأ خلال فترة التخمير و تستمر بعد ان يتم تعليب النبيذ في قناني. هذه المركبات على ما يبدو تتحد و تتجمع معاً مشكلة جسيمات تكبر قليلا , و عندما تصل هذه الجسيمات الى حجم لا تعد فيه قادرة على الاستمرار معلقة او طائفة او حائمة ضمن النبيذ فانها تترسب في القاع. ان ظهور الرواسب بوضوح في قاع الزجاجة غالبا ما يدل على ان النبيذ اصبح ناضجاً. هذا النبيذ الناتج و الذي فقد عنصر التانين و كذلك الصبغيات اللونية. سوف يصبح لونه فاتحا قليلا و مذاقه سلسلا و اقل صرامة. اما الرواسب فهي غير ضارة و لكن لها مذاق غير مرغوب و لذلك يتم فصلها عن النبيذ خلال الصب.
خلال عملية التعتيق. فان ملاحظة او تذوق الاحماض قد تتغير, على الرغم من ان كمية الاحماض قد تبقى ثابتة خلال حياة النبيذ, و ذلك سببه استرت الاحماض, حيث تتحد او تندمج مع الكحول في مصفوفة معقدة لتشكل في النهاية الاستيرات. بالاضافة الى جعل مذاق النبيذ اقل حموضة فان هذه الاستيرات تضيف الى النبيذ مجموعة من النكهات العبيرية. في النهاية النبيذ قد يصل بالتعتيق الى مرحلة تصبح فيه بقية مكونات النبيذ مثل التانين و استيرات الفواكه اقل وضوحا.
تحول لون النبيذ الى البني اخر النضوج
حالما يبدأ النبيذ بالنضج, فإن عبيره او شذاه سوف يتطور و ينقسم الى عدة صبقات من النكهة. حيث ان المتذوق قد يلاحظ عدة نكهات فاكهية في النبيذ الشاب ( اي النبيذ الفتي في بداية نضوجه ) بينما النبيذ الاكثر تعقيدا و نضوجا سوف يلاحظ فيه عدة نكهات اكثر وضوحا حيث سيلاحظ فيه نكهات فاكهية, زهرية, ترابية, معدنية, و نكهات مستمدة من خشب البلوط. و في الاخر سوف يصل النبيذ الى نهاية النضوج. حيث يقال انه وصل الى ذروته. في هذه النقطة النبيذ يصل الى اكبر قدر من التعقيد. يصبح فيه في ذروة السلاسة و الليونة , و عندها مكونات الفينول ( التانين ) لم تبدأ بعد بالفساد او الانهيار, و هذه المرحلة لا يمكن توقع وقت حصولها فهي تختلف من زجاجة الى اخرى. اذا تم تعتيق النبيذ الى وقت طويل جدا فإن النبيذ سوف يبدأ بالهبوط الى مرحلة سيئة حيث تصبح النكهات الفاكهية جوفاء و ضعيفة, بينما نكهة احماض النبيذ سوف تظهر هي المسيطرة على نكهة النبيذ.

قانون "Coates" في النضوج:

و هو المبدأ المستخدم في تذوق النبيذ المتعلق بمقدرة النبيذ على التعتيق. و الذي وضعه الخبير البريطاني في النبيذ السيد كلايف كوتس (Clive Coates) . و ينص هذا المبدأ على ان النبيذ سوف يحافظ على جودتة للتذوق و الشرب بنفس المدة التي احتاجها النبيذ ليصل الى قمة النضوج. خلال تعتيق النبيذ العديد من النكهات و العبير و القوام و الانسجة تظهر و تتلاشى. بل انها تتطور و تتلاشى بانسجام.

هناك تعليق واحد:

  1. شركة نظافة خزانات بالمدينة المنورة

    قدم لك شركة نظافة خزانات بالمدينة المنورة ,فهي شركة تقدم افضل الخدمات من تنظيف و تطهير الخزانات
    تقوم بتنظيف الخزانات باستخدام احدث اسليب و طرق التنظيف بالمنظفات المستوردة و تعقيمها و تطهيرها
    تعمل عن طريق فرق العملالمدربة على اعلى مستوى فى نظافة خزانات بالمدينة المنورة
    نقدم خدمة غسيل خزانات بالمدينة المنورة , على اكمل وجه, حيث افضل الخبراء و الفنيين ذو الخبرات الطويلة في تنظيف و عزل و غسيل خزانات بالمدينة المنورة باتباع افضل الطرق الحديثة المستخدمة عالميا للحفاظ علي نقاء المياة و تقديم مياة صالحة للشرب تواصلوا و احصلوا على الخدمة في الحال

    غسيل خزانات بالمدينة المنورة

    http://elmnzel.com/cleaning-tanks-medina/

    ردحذف

صناعة نبيذ العنب على الطريقة الفرنسية

الفرنسيون اكثر من اجادو في صناعة نبيذ العنب لأن فرنسا بلد تطل على البحر المتوسط و بالتالي مناخها معتدل صيفا و شتاء و بالتالي هي من افضل الد...